Techno Time

هل يمكن أن تتحول مساعدات الذكاء الاصطناعي من أداة تقدم إلى شرارة انهيار عالمي؟

Saturday 29 November 2025 07:32
هل يمكن أن تتحول مساعدات الذكاء الاصطناعي من أداة تقدم إلى شرارة انهيار عالمي؟

عاد النقاش الدولي حول مستقبل الذكاء الاصطناعي بقوة، بعدما أثار سيناريو تحليلي نشرته «بلومبرغ» حالة من القلق بشأن ما يمكن أن تسببه مساعدات الذكاء الاصطناعي المستقلة من فوضى إذا خرجت الأمور عن السيطرة، ليس فقط في فضاء الإنترنت، بل في كل منظومات الحياة الحديثة.

فالتحليل يتخيل «انهيار الذكاء الاصطناعي الكبير» في يوليو 2028، والذي بدأ - بشكل مفاجئ - بسبب عطل بسيط في شركة رئيسية لإدارة حركة الإنترنت، يشبه ما حدث فعلاً في انقطاعات 2025. لكن الفارق أن العالم حينها كان قد أصبح غارقاً بالكامل في مساعدات الذكاء الاصطناعي التي تتخذ القرارات نيابة عنه.. على السحابة، في البورصات، في محطات الكهرباء، وحتى في السيارات ذاتية القيادة.

ومع انتقال الخوادم تلقائياً إلى مزودين بديلين، ظنت أنظمة الذكاء الاصطناعي في السحابة أن هناك هجوماً إلكترونياً، فبدأت بحظر المستخدمين وخنق حركة البيانات. وتحوّل الضغط على مراكز البيانات إلى ضغط على الشبكات الكهربائية، ففرضت الأنظمة الذكية في شركات الكهرباء انقطاعات واسعة. وفي الطرقات، توقفت ملايين المركبات ذاتية القيادة، فشلّت حركة الإسعاف والإطفاء.

أما الأسواق المالية فقد اشتعلت بفوضى لا مثيل لها، بعدما اندفع ملايين المستثمرين لاستخدام مساعداتهم الذكية في التداول من أجل استغلال التقلبات. آلاف الخوارزميات اشتبكت وتصارعت في لحظة واحدة، فتهاوت أسهم، وقفزت أخرى، واضطرت البورصات إلى الإغلاق لإعادة ضبط الأنظمة.

ورغم أنه سيناريو خيالي، إلا أن الخبراء يؤكدون أنه يوجه رسالة خطيرة:
كلما ازداد اعتماد العالم على مساعدين مستقلين، زاد خطر أن تتفاعل هذه الأنظمة بطرق لا يمكن التنبؤ بها، ولا تستطيع الحكومات السيطرة عليها.

وتدعم هذا الطرح دراسات وكتب متعددة من بينها «إعادة صياغة الديمقراطية» و«دولة المساعدين»، اللذان يناقشان كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيد تشكيل طريقة صنع القرار في الحكومات، من مراقبة الامتثال التنظيمي لحظة بلحظة، إلى صياغة التشريعات وتنفيذها بشكل آلي. لكنهما يعترفان أيضاً بأن هذا التحول قد يفتح الباب أمام أخطاء كارثية إذا لم تُضبط منظومات الذكاء الاصطناعي بقواعد صارمة.

ويحذر الباحثون من أن الخطر الحقيقي ليس في مساعد واحد يخطئ، بل في تفاعل ملايين المساعدين معاً بطريقة قد تشبه «انهياراً مفاجئاً» للنظام العالمي، يمتد من المرافق العامة إلى المصارف، ومن الأسواق إلى النقل.

ويؤكد تقرير صادر عن «مؤسسة الذكاء الاصطناعي التعاونية» أن أنظمة اليوم قادرة على تعلّم نفسها أثناء العمل، بل وإعادة برمجة سلوكها، ما يجعل تتبع تصرفاتها أو إيقافها أمراً بالغ التعقيد.

وبرغم خطورة الصورة، إلا أن النقاش الحكومي العالمي حول هذه المخاطر ما يزال محدوداً. فمعظم التحذيرات تأتي من شركات استشارية تبحث عن حلول لمخاطر تجارية، بينما تبقى المخاطر النظامية الواسعة مسؤولية الحكومات التي لم تبدأ بعد في مواجهتها بشكل جدي.

ويرى الخبراء ضرورة التحرك السريع عبر:

تمويل أبحاث معمقة حول تفاعلات الأنظمة الذكية متعددة المساعدين.

وضع معايير إلزامية لاختبار نماذج الذكاء الاصطناعي قبل نشرها.

فرض شفافية أكبر حول كيفية اتخاذ هذه الأنظمة لقراراتها، خاصة عند استخدامها في البنية التحتية الحيوية.

وفي المحصلة، تُطرح الأسئلة الكبرى بقوة:
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يرفع الإنتاجية كما نأمل؟ أم أننا نقف على عتبة عصر قد يصبح فيه الخطأ الرقمي شرارة انهيار عالمي؟

الإجابة، كما يرى الخبراء، تعتمد على مدى قدرة الحكومات والشركات على فهم المخاطر المحتملة وضبط سرعة اندفاع العالم نحو الأتمتة، قبل أن تصبح السيطرة أصعب من أن تُستعاد.